
ليلة رعب في الجزائر… جثة طفل و”مطاردة هوليوودية” لخاطفي طالبة
عاش الجزائريون ليلة رعب حقيقية قبل يومين بعدما اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مثيرة توثق مطاردة بسيارة في شوارع العاصمة الجزائرية، قال ناشروها إنها جاءت بعد اختطاف طالبة جامعية من أمام جامعة هواري بومدين في باب الزوار، شرق العاصمة، في وقتٍ تزامن فيه هذا الحادث مع العثور على جثة طفل اختُطف قبل ثلاثة أيام، ما أعاد إلى الأذهان سلسلة جرائم اختطاف هزّت البلاد في الأشهر الأخيرة.
فقد أظهر الفيديو، الذي انتشر بشكل واسع على المنصات الرقمية، مجموعة من الشبان وهم يطاردون سيارة مشتبهاً بها بزعم أن في داخلها فتاة مختطفة، وسط شوارع مزدحمة، في مشهد وصفه المتابعون بـ”المطاردة الهوليوودية”.
وقال مصوّرو المقطع إنهم تتبعوا السيارة بعد أن شاهدوا عملية الخطف من داخل الحرم الجامعي، فيما لم تصدر السلطات الأمنية بعدُ أي تأكيد رسمي للحادثة أو لتفاصيل الفيديو المتداول.
ورغم غياب أي موقف رسمي، أثار المقطع حالة من الهلع الجماعي، خاصة أنه جاء بالتزامن مع قضية مأساوية أخرى شهدتها مدينة الشلف (211 كيلومتراً غرب العاصمة)، حيث أعلنت النيابة العامة العثور على الطفل عبد الرحمن، البالغ من العمر 4 سنوات، مقتولاً بعد ثلاثة أيام من اختفائه.
وأوضح وكيل الجمهورية لدى محكمة الشلف أن “الشرطة العلمية رفعت عينات من مسرح الجريمة، وأُجري تشريح للجثة، وأخذت عينات بيولوجية من الطبيب الشرعي”، مؤكداً فتح تحقيق ابتدائي لتحديد هوية الجناة ومحاسبتهم. وقال والد الطفل في تصريحات محلية: “ابني قُتل غدراً، لكن أحمد الله أننا وجدنا جثته… فلو لم نعثر عليه لبقيت أبحث عنه طيلة حياتي”.
فيما لاقت الحادثة تضامناً شعبياً واسعاً، حيث امتلأت مواقع التواصل بتعازي ومطالبات بإنزال أشد العقوبات بحق الجناة، وسط تزايد القلق من عودة ظاهرة اختطاف الأطفال والنساء في الجزائر.
وأتى هذا الحادث بعد أسابيع فقط من مقتل الفتاة مروى بوغاشيش في ولاية قسنطينة (390 كيلومترا شرق العاصمة)، التي اختُطفت ثم عُثر على جثتها في غابة بعد اختفائها لأسابيع، إلى جانب محاولة اختطاف طفل آخر في حي الحراش بالعاصمة، أحبطها شبان محليون.
فيما أعاد تتابع هذه الجرائم إلى الواجهة الجدل حول أمن الفضاءات العامة والمحيط المدرسي، حيث دعا كثيرون إلى ضرورة تركيب كاميرات مراقبة في الأحياء والشوارع. وكتب أحد المعلقين على “فيسبوك”: “ربما آن الأوان لتركيب كاميرات مراقبة في كل حي… الخوف لم يعد يخص الأمهات فقط، بل الجميع”.
مختصون: الحذر ضروري لكن لا تهويل
وفي السياق، قال المختص الاجتماعي عبد الحفيظ صندوقي إن مثل هذه الحوادث، رغم خطورتها، تبقى “معزولة”. وأوضح في حديث للعربية.نت، أن سرية التحقيقات قد تحجب أحياناً تفاصيل تتعلق بخلفيات الجرائم. وأضاف: “ردة فعل المجتمع طبيعية وصحية، فهي تدل على وعي جماعي متزايد بخطورة الظاهرة، لكن يجب أن ترافقها حملات توعية لتدريب الأطفال على سلوكيات الحماية الذاتية، مثل الصراخ وطلب المساعدة عند الشعور بالخطر”.
أما حول مطلب وضع كاميرات مراقبة في الشوارع، فأشار صندوقي إلى أن “الجدل مشروع، لكن يجب أن يتم في إطار قانوني واضح يوازن بين الأمن وخصوصية الأفراد، حتى لا تتحول المراقبة إلى فوضى أو أداة للتشهير”.
مجتمع “على أعصابه”
وتعيش الجزائر منذ أشهر حالة من الاستنفار الشعبي والإعلامي بسبب تكرار جرائم الاختطاف التي تطال الأطفال والنساء، في ظل مطالبات بسنّ تشريعات أكثر صرامة وتفعيل خطط وقائية لحماية الفئات الهشة.
ومع كل حادثة جديدة، يتجدد النقاش حول أمن المجتمع ومحدودية الرقابة الميدانية، بينما تبقى الدعوة الأبرز، كما قال أحد النشطاء: “الأمن لا يكون فقط في الشوارع، بل يبدأ من وعي الناس… ومن أن نعلّم أبناءنا كيف يقولون لا قبل فوات الأوان”.